الصحة النفسية والصحة الجسدية وجهان لعملة واحدة
قضايا الشباب
                                    "لما بعصب بتتشنج معدتي وبتوجع، لما بزعل بمرض" نواجه عادة حالات مماثلة بكثرة في حياتنا اليومية، وحالات أخرى كوجود عرض جسدي دون وجود سبب فيزيولوجي!
هل عانيت من عرض جسدي بالرغم من أن جميع التحاليل والفحوصات كانت سليمة ولا يوجد سبب فيزيولوجي لذلك؟ إذن السبب نفسي..
 
كثيرا ما نسمع عن الأمراض النفسية والصحة النفسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من محيطنا، لكن هل سبق  وراودتنا فكرة ارتباط صحتنا النفسية بالصحة الجسدية؟ الى أي مدى هذا الارتباط؟ 
وكيف يمك أن نحافظ على صحتنا النفسية ؟

المعلومة الغائبة عن الكثيرين هي أن الصحة النفسية والصحة الجسدية هما وجهان لعملة واحدة.

لكن ماهي الصحة النفسية بدايةً؟

الصحة النفسية هي مَسألةٌ نِسبيّةٌ حالها حال الصحّة الجسديّة؛ فالأمراضُ الجسديّة تَظهر نتيجة زيادة الاختلال الحاصل بين وظائف الجسم المُختلفة، وكذلك الأمراض النفسية فهي ليس لها حَدٌ مُعيّنٌ يفصل بينها وبين الصحة النفسية وإنّما الحد الذي يُظهر المرض هو زيادة الاختلال الحاصل. وحسب منظمة الصحة العالمية فالصحة النفسية جزء أساسي لا يتجزّأ من الصحة  "الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرّد انعدام المرض أو العجز". أي أن شرح الصحة النفسية يتجاوز مفهوم انعدام الاضطرابات أو حالات العجز النفسية.
والصحة النفسية عبارة عن حالة من العافية يمكن فيها للفرد تكريس قدراته الخاصة والتكيّف مع أنواع الإجهاد العادية والعمل بتفان وفعالية والإسهام في مجتمعه.
تعتبر الصحة النفسية من الأمور الأساسية لتوطيد قدرتنا الجماعية والفردية على التفكير، التأثر، والتفاعل مع بعضنا البعض كبشر، وكسب لقمة العيش والتمتع بالحياة، وعلى هذا الأساس، يمكن اعتبار تعزيز الصحة النفسية وحمايتها واستعادتها شاغلاً حيويا للأفراد والجماعات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.

ما هي العلاقة بين الصحة النفسية والصحة الجسدية؟

الكثير من الأمراض والاصابات الجسدية تترك اثر بالغ الشدة وثؤثر بشكل كبير على صحتنا النفسية وقد تؤدي لاضطرابات نفسية، وايضا بالمقابل اذا اطلعنا على الأمراض والاضطرابات النفسية والعقلية، سنلحظ قسم من الأمراض التي تأخذ شكلا جسديا كالشلل أو احتباس الصوت أو العمى أو أعراض جسدية أخرى لا يوجد لها تفسير طبي، وهي ما يندرج تحت فئة الاضطرابت جسدية الشكل، إضافة الى الأعراض مثل فقدان شهية وأرق وارهاق قدد تكون بسبب اضطرابات ومشاكل نفسية.
هذا ما يؤكد أن الصحة الجسدية والصحة النفسية مرتبطتان بشكل تبادلي، تؤثر وتتأثر كل منهما بالأخرى، وتؤثر وتتأثر كل منهما أيضاً بعوامل عديدة أخرى، أهمها نوعية الحياة.

 لذلك من الضروري المحافظة على سلامة صحتنا النفسية، لكن كيف ذلك؟

أي شخص معرض لأن يعاني من مشاكل نفسية وإن كان على مستوى بسيط لكن هناك ممارسات بسيطة يمكنك اتباعها من شأنها رفع مزاجك، لتصبح أكثر مرونة وتحسن صحتك النفسية والعقلية مثلا يمكن أن يساعدك التحدث عن مشاعرك في البقاء بصحة نفسية جيدة والتعامل مع الأوقات التي تشعر فيها بالقلق.
كما أن ممارسة الرياضة يجعلك تشعر بالراحة والسعادة ويساعدك التركيز والنوم والشعور بالتحسن، ايضا من الضروري الاعتماد على نظام غذائي صحي ومتوازن والابتعاد عن المأكولات التي من شأنها زيادة التوتر.
من المهم البقاء على تواصل مستمر بالآخرين، فالبشر مخلوقات اجتماعية لها احتياجات عاطفية للعلاقات إذ يمكن أن تساعدك في التعامل مع ضغوط الحياة وتشعرك بالاندماج، ومن المهم أيضا أن تتقبل ذاتك فالشعور بالرضا عن نفسك يعزز ثقتك في تعلم مهارات جديدة وحسن تقدير الذات سيساعدك على التأقلم عندما تأخذ الحياة منعطفًا صعبًا.
خذ استراحة فإن تغيير الوتيرة مفيد لصحتك العقلية فبضع دقائق يمكن أن تكون كافية للتخلص من التوتر وأيضا مارس نشاطا تجيده وتستمتع به حيث يمكن أن يساعدك التركيز على هواية في نسيان مخاوفك لبعض الوقت وتغيير مزاجك، واخيرا، لا أحد منا خارق، جميعنا نشعر بالتعب أو الإرهاق أحيانًا بسبب ما نشعر به أو عندما تسوء الأمور، إذا كانت الأمور تزداد صعوبة بالنسبة لك وكنت تشعر أنك لا تستطيع التأقلم ، فاطلب المساعدة.


عوامل الخطر لظروف الصحة النفسية:

كل شخص لديه خطر الإصابة باضطراب في الصحة العقلية أو النفسية ، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الدخل أو العرق، فقد تتطور وتسوء الأمور لدرجة تؤثر بشكل سلبي على حياتنا الطبيعية.
إن مستويات المشاكل النفسية مختلفة لكنها قد تتطور لاضطرابات بحاجة لعلاج ومساعدة، فالأصل في تشخيص أي اضطراب نفسي هو توافر حد أدنى من الأعراض مجتمعة، ولفترة زمنية محددة تختلف باختلاف الاضطراب، وتأتي هذه الأعراض بشكل مخالف لما كان عليه الشخص في السابق، وهنا فإن مدى تأثير هذا الاختلاف على وظائف الشخص وحياته وما يتركه من أثر على الشخص يشعر جراءه بالعجز أو الكرب والضيق.

للأسف إنّ مفهوم الصحة النفسية ما زال يرتبط لدى البعض بـعيب اجتماعي ، فمراجعة المعالج النفسي أو الاختصاصي النفسي هي ذات نظرة سلبية لدى البعض داخل مجتمعاتنا العربية، حيث ينظر إلى الأشخاص الذين يراجعون الاختصاصيين النفسيين كأشخاص غير أسوياء. ولعلّ التطورات والتغيرات المتسارعة في عالم التكنولوجيا جعلت الإنسان يقف حائراً وغير قادر على مواكبتها في كثير من الأحيان. بالإضافة إلى الخلافات الأسرية والزوجية التي ارتفع منسوبها في الأعوام الأخيرة، كلّ هذا قد يكون مبرراً لتغيير الصورة الذهنية حول ضرورة الحاجة إلى زيارة الاختصاصيين النفسيين، فالحاجة إلى راحة النفس تتساوى مع راحة الجسد.

في النهاية يجدر التأكيد أن أي حالة ضيق، أو اختلاف في المشاعر أو الأفكار أو السلوكيات وإن كانت طفيفة، وليست ذات تأثير كبير وواضح، فإنه من الأفضل مباشرة مراجعة المختص حتى لا يكون ذلك مؤشراً على أمر أعمق، وحتى يتم السيطرة بشكل كامل قبل أن يتراكم أو يترك أثرا.

وللتنويه، فإن المعالج الإكلينيكي من أدواره القيام بالتوعية والوقاية، وأيضاً تنمية المهارات التي قد تتسبب بحالة من الضيق وتحتاج لجهد بسيط لتعلمها، أو العلاج (غير الدوائي) والذي يختلف بحسب الحالة والتشخيص.

يمكنك إرسال الاستشارات النفسية لمجموعة من الأخصائيين عبر الرابط في المنشور المثبت على صفحتنا على فيسبوك.

المصادر:
https://www.mentalhealth.org.uk/publications/how-to-mental-health
https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/mental-health-strengthening-our-response
https://www.who.int/topics/mental_health/ar/
https://www.mentalhealth.gov/basics/what-is-mental-health
                                
2020-05-26 23:29:06