موضوع يحدد لاحقاً؟
قضايا الشباب
                                    بماذا نهتم اليوم وبماذا قد نهتم غداً؟.

هنا اليوم ، الحديث حول مستقبل قد بدأ الآن، فهو لم يعد مستقبلاً مبنياً في الخيال، بل أصبح كرة جليد ذات شكل وقوام وخواص قابلة للقياس والمعاينة، وأيضاً يمكن بنظرة سريعة التنبؤ بأنها كرة تكبر بشكل أسرع مما نتخيل. أجل هذا ما أود حقاً أن أتحدث عنه: (موضوع يحدد لاحقاً، بماذا نهتم اليوم وبماذا قد نهتم غداً؟).

ما سنحاول الإضاءة تجاهه هنا هو سرد للمواضيع التي اعتادت مؤسسات العمل المجتمعي الحديث ضمن فضاءها بشكل متكرر وأكدت العمل عليه كمواضيع هامة (ومن ضمنها شبكة Y-PEER) ، ومن ثم سوف نحاول إلقاء نظرة قراءة نحو المستقبل والمواضيع التي قد تثير اهتمام هذه المؤسسات والمتطوعين والناشطين في المجال الاجتماعي والبيئي في السنوات القادمة (والتي كما أشرت أعلاه ، بدأت بالفعل).

-بالحديث عن اليوم.

شكل العالم اليوم هو شكل فريد، تجتمع الدول حول طاولة مستديرة (نظرياً) في "نيويورك" تحت سقف الأمم المتحدة، يتفقون (ولو شكلياً!) حول مجموعة مبادئ (مجموعة كبيرة!) ، يتفقون مثلاً حول قضايا متعددة هامة كاتفاقيات كبيرة في فضاء المناخ وحقوق المرأة والفقر والتعليم والصحة.

تجمع العالم مجموعة هائلة من الكابلات تسمى "الانترنت" ، الكابل الذي يتصل به "الراوتر" لديك ، ينتهي بمكان مختلف في كل مرة ، فهو متصل بطريقة مباشرة أو عبر "الوايرليس" بجميع مناطق العالم تقريباً، اذا استطعت سحبه وتتبعه فقد ينتهي الأمر بك في باريس، واشنطن، موسكو، القاهرة، أجل هذا المقبس بدءاً من منزلك، هو نفسه!. هل توجد حاجة للإشارة أم أنك تعلم بالتأكيد كيف أن الهواء حولنا ممتلئ بالكلمات والمقالات والكتب غير المرئية التي تنتقل من هاتف ذكي لآخر وتصبح فجأة مرئية هناك على شكل ملفات ومحادثات وصوت و"فيديو".

العالم مع ذلك ليس مثالياً (وأضيف: "بعد" ، للتفاؤل) . فاجتماع الدول حول طاولة واحدة، واتصال حواسيب وهواتف وأجهزة المنازل لمليارات البشر ومعظم الدول ببعضها البعض بشبكة واحدة، واتفقاهم الظاهري حول الكثير من القضايا، ومع كونه إنجازاً فريداً، لكنه لم يصل إلى الدرجة التي كان يمكن أن تصل إليها بجهد قليل إضافي واسثمار أفضل لهذا التقدم الاستثنائي.

-بمَ نهتم اليوم إذاً؟.
وضع العالم عام 2015 اتفاقاً جديداً بعد انتهاء الأول (أهداف الألفية)، "الاتفاق" الجديد هو -أهداف التنمية المستدامة- وهي 17 هدفاً تشمل القضايا الأساسية ، أولها القضاء على الفقر ، وآخرها دعم الشراكات لتحقيق هذه الأهداف، مروراً بقضايا المناخ، العمل، البنية التحتية، التعليم والصحة، المساواة بين النوع الاجتماعي، وغيرها.

-هل سنطلق عليها مسمى "قضايا كلاسيكية"؟.
أظن أن التعبير الأدق هنا هو: سوف تزداد التعقيدات حول الكثير منها ، فالعمل باتجاه المناخ مثلاً، أصبح يشوبه بعض المقترحات التي لم نعتد سماعها، فكيف ستتفق الدول فيما بينها على تلك القضايا العامة ذات الشكل الجديد؟ (مثلاً لم تتحاور الدول قبلاً حول نشر مواد في الجو لحماية المناخ من الاحتباس الحراري أو حول مضلة كبيرة بين الأرض والشمس!).

أما على صعيد العمل باتجاه المساواة بين النوع الاجتماعي، ظهرت فيه "صوفيا" الروبوت (لن أتكلم كثيراً عنها، تابعها على يوتيوب فهي نجم مشهور!). هل سوف يحدث ذلك تغير في وزن وطبيعة كل دور بين الرجال والنساء؟ هل سيؤثر ظهور جيل من 100 ألف "صوفيا" على وظائف أو أدوار 100 الف امرأة؟ وكم فرصة عمل ستوفر لهن بالمقابل لإنتاجها وبيعها؟ وكيف سيكون شكل هذه الفرص؟. هل "ستتزوج" صوفيا يوماً ما؟.

على صعيد الصحة ، فبدأت تتضح معالم طب الغد، والمفاجأة! إنه هندسي بحت، هندسي جداً، روبوتات نانوية داخل الجسم، شرائح إلكترونية وأعضاء صناعية بديلة للمبتورة تتفاعل بشكل مماثل للطبيعية مباشرة من الدماغ، وأيضاً يبدو أن "خلايا حية مبرمجة" ظهرت للتو، وقد أذهلني مثلاً كيف قام باحثون في جامعة "فيينا" العام الفائت بإجراء تجربة من خارج الصندوق لفيزياء الكم على خلايا حية. 

على صعيد حقوق الإنسان ، فيتكلم "ميتشيو كاكو" في (رؤى مستقبلية) حول أحد القضايا الهامة التي قد تظهر، وهي حق الأطفال في المستقبل بتقرير خصوصية الشيفرة الوراثية الخاصة بهم، فهي تكشف الكثير، وقد لا يستطيع شخص ما (مثلاً) الحصول على تأمين صحي جيد بسبب أن الشركة تعلم احتمالية إصابته بمرض معين خارج عن شروط التأمين، يطرح "كاكو" تصور أن يكون هذا إجبارياً مثل بطاقة الهوية الشخصية، فقد يفقد الشخص حقوقه المدنية مثلاً مثل المدرسة أو روضة الأطفال لعدم حصوله على تحليل وتخزين لشيفرته الوراثية.

الاقتصاد والعمل. كيف سيكون شكل العمل وحقوق العاملين والمساواة بين الجنسين في العمل والأجور؟ ما بدأ (تقريباً) مع فكرة العملة الإلكترونية المشهورة "البيتكوين" يستمر بتطوير شكله وطبيعته شيئاً فشيئاً، يوماً ما، سوف يتحتم على العالم أن يضع اتفاقيات جديدة لحقوق العاملين والأجور وجودة العمل بناء على كل ذلك. لقد بدأ بعض من ذلك يحدث مثلاً مع "عملة فيسبوك" الجديدة (ليبرا).

في النهاية ، لا أود الحديث كثيراً عن قضية مثل فرص العمل التي سوف تهددها التكنولوجيا، فهو موضوع حصل على حقه بالنقاش والجدل على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مسبقاً وأعتقد أن كل منا قد فكر به بشكل أو بآخر ، بالنسبة لي؟ فأنا متفائل إلى حد ما!. أظن أن المستقبل قد يحمل وعياً أكثر أيضاً!. أراكم جميعاً بخير في المستقبل (الذي بدأ الآن!).
                                
2020-05-21 22:10:27