حرمان اليافعين من التعليم والزعتر!
قضايا الشباب
                                    آدم عامل الفرن الصغير ذو الخمس عشر ربيعاً، خطت الحياة على وجهه شارباً صغيراً، ولفحه الفرن بحمرة خدود طبيعيّة، ليأخذ موعداً مع الحياة كرجل، قبل أن يصافحها كطفل يلعب ألعاب الفيديو. هذه ليست قصة آدم وحده هذه قصة 61 مليون مراهق خارج المدرسة في العالم.
من ضمن الواحد وستين مليون طفل خارج المدرسة سنحكي حكاية طفل لم يحمل شنطة المدرسة منذ سنتين بالتحديد بعد أن خرج وعائلته من منزلهم تحت تهديد الحرب، وحمل منذ ذلك الوقت شنطة هموم عائلته التي تناقصت إلى أمه وأختيه الصغيرتين. لا يعرف آدم أنه يوجد واحد 1 من كل 4 أطفال غير منتظمين في الدراسة في العالم، فالأرقام لم تجعل حياته أقل بؤساً، هو معني بأمان عائلته المتبقية ولقمة عيش صعبة ولا يعرف أن نهوضه من سريره في كل صباح إلى ذاك الفرن هو انتهاك لطفولته، ولكنه بطريقة أو بأخرى يدرك ذلك في أعماقه، لأنه لا يستهوي طعم الفطائر الساخنة، منذ آخر فطيرة جبنة تناولها في مطبخ العائلة الكبير، وإنما يعود في المساء ليتناول ما حضّرته أمه وأخته سلمى التي هي الأخرى فضّلت تعلّم طهي الأرز والدجاج على تعلم نظرية فيثاغورث، وتحديد شعور المتنبي عندما يقول:
"ذريني أنا ما لا ينل من العلا فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل"

فبالرغم من انخفاض معدلات التسرب المدرسي للأطفال في المرحلة الثانوية بشكل أكثر باطراد منذ عام 2000، حيث بلغت 35% في عام 2018، ولكن مناطق النزاعات تفرض تغيّراً في الموازين كما حصل في سوريا خلال الأعوام الماضيّة، حيث أنه وفقاً لمركز الإحصاءات التابع لليونسكو، ارتفعت نسبة التسرب المدرسي في عام 2012 من نسبة 18% إلى نسبة 42% في العام 2013، وهذا الارتفاع غير المسبوق تمّ خلال سنتين فقط، ونسبة التسرب المدرسي حاليّاً غير واضحة بالأرقام.

كما يوجد 21 مليون طفل خارج المدرسة في في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير ملتحق بالمدرسة أو مُهدد بتركها. تقول ماريا كاليفيس، مديرة مكتب اليونيسف الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، " ينبغي أن تتاح الفرص للأطفال ليتمكنوا من الحصول على المهارات التي يحتاجونها من أجل القيام بدورهم في التحول الذي تشهده المنطقة".
ويقول خيرت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "إن نتائج التعلم الضعيفة للأطفال واليافعين في جميع أنحاء المنطقة، لا تؤدي إلى المساومة على مستقبلهم فحسب، بل تشكل استخدامًا غير فعّال للأموال العامة والموارد التعليمية أيضًا".
وأضاف: "إن الإنفاق الحالي على التعليم أقل بكثير من المعيار المتفق عليه دوليًّا، ولا يركّز بما فيه الكفاية على تمكين جميع الأطفال بشكل عادل من الحصول على التعليم أو على تحسين الجودة".

حرمان اليافعين من التعليم تعني كل فرد في المجتمع لذلك من المهم ضمان شموليّة التعليم بحيث لا يستثنى من الصورة الأسر الأكثر فقراً والمناطق الريفيّة ، وزيادة الاستثمار في التعليم حيث يجب على الحكومات تخصيص نسبة 15% إلى 20% من إجمالي نفقاتها على التعليم حسب المعايير الدولية, وتزويد فرص التعليم ما بعد المدرسي بما يتناسب مع لغة العصر حتى لا يبقى التعليم ضمن إطار المدرسة التقليديّة مُجرد كلام على ورق، وإنما وسيلة لتحقيق الفرد النفع للمجتمع، كإضافة البرمجة كلغة ثانية، كل ذلك كفيل بخفض نسب التسرب المدرسي في العالم حيث أن الأطفال المنتظمين في الدراسة أثناء حالات الطوارئ، يمكن أن تكون جودة التعليم منخفضة، بمتوسط يبلغ 70 تلميذًا لكل معلم ، وعادة ما يكون المعلمون غير مؤهلين.

في نهاية الأمر قصة آدم وسلمى هي قصة جيل كامل تعرّض لأقسى الظروف المعيشيّة، هي قصة تحكيها الأرقام وصور مُشاهداتنا اليوميّة، ولنعرف أكثر معنى أن تكون طفل فاته موعد الباص المدرسي إلى الأبد، تخيّل أن تمحي من ذاكرتك اثني عشر عاماً، تخيّل أن لا تعرف أبداً فرحة جرس الفرصة، وألا تعرف أبداً أن سندويش الزعتر كان لذيذاً فقط في الفرصة التي لم تنلها أبداً.
                                
2020-05-18 17:54:48